بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
الموت مخلوق عجيب من مخلوقات الله تعالى، خلقه ليبلو العباد أيهم أحسن عملا: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)[الملك:1، 2].
كثيرا ما نسمع أن فلانا من أهل الدنيا مات ونقرأذلك في صفحات الجرائد أن ذاك غادر الدنيا والأمر أصبح طبيعيا عند كثير من الناس.
إذ أن الموت لايثير فيهم العبره أو التفكير أو حتى الاستغراب بل قد يمر إنسان على مقبره من المقابر فلا يلزم نفسه بذكر السلام والدعاء لهم والترحم عليهم ،فهو لايعي ما خلف هذا السور من نعيم ونار وحساب وعقاب ..........
نعم الكثيرون منا لايعون ما هية الموت ؟
إذ لو علموها لتغيرت أحوالنا إلى الأحسن ولما رأينا المرابين والغشاشين والظلمه والفسقه والفجره من خلقه
فالموت معناه عظيم لايعلمه إلا قليل من الناس
إن معنى الموت {ان فلان مات }معناه أنك لن تراه في هذه الدنيا ?وإنك لن تراه إلا في يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت
وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى
بل لن تراه في ذلك اليوم لأن الكل مشغول بنفسه يقول :نفسي نفسي
{فيومئذ لا يسأل عن ذنبه أنس ولا جان }
{يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ومن في الارض جميعا ثم ينجيه }
معنى موت فلان أنه سيوضع في مساحه من الأرض متر ونصف المتر وعرضها نصف المتر وأنه سيلقى عليه التراب
وأنه سيقابل ملكين سيسألانه عما عمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر
معناه أنه إما أن يكون في روضة من رياض الجنه ينعم بها ويقول :رب أقم الساعه
وإما أن يكون في حفره من حفر النار يقول :رب لاتقم الساعه لعلمه أن ما بعد القبر أشد.
والغريب أن البعض يتطير ويشمئز إذا ذكر عنده الموت كأنه مخلد وكأنه لم يسمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم
{أكثروا من ذكر هادم الذات ومفرق الجماعات }فسبحان الله ما هذه الغفله ؟
{اللهم إنا نسألك حسن الخاتمه }
{اللهم إنا نسألك الثبات عند السؤال}
{اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى من الجنه }
{اللهم إجعل حبك وحب رسولك أحب إلي من الدنيا وما فيها }
فإن كثرة ذكر الموت تعطيك ثلاث فوائد: تعجيل التوبة، والرضا بالقليل، وعدم مزاحمة أهل الدنيا في دنياهم.
كما وأن نسيان الموت والغفلة عنه يورث أشياء ثلاثة: قسوة القلب. وتسويف التوبة. وحب الدنيا.. التي من أحبها وتعلق قلبه بها أورثته شغلاً لا يفرغ منه أبدًا، فهو كترس في آلة أو كثور معلق في ساقية. وهمّا لا ينصرف عنه أبدًا. وعدم رضًا لا ينفك عنه أبدًا ولو ملك كنوز الأرض.
قال عمر بن عبد العزيز: "أكثر من ذكر الموت، فإن كنت واسع العيش ضيقه عليك، وإن كنت ضيق العيش وسعه عليك".
قال إبراهيم التيمي: "شيئان قطعا عني لذة الدنيا: ذكر الموت، والوقوف بين يدي الله عز وجل".
قال الحسن: "ما رأيت عاقلاً قط إلا أصبته من الموت حذرًا وعليه حزينًا".